جوهر الشوق الوصال، نص د. أحمد أمين عثمان قراءة تحليلية جمالية في ضوء التناص والتجربة الصوفية

 

جوهر الشوق الوصال، نص د. أحمد أمين عثمان قراءة تحليلية جمالية في ضوء التناص والتجربة الصوفية

إعداد د منال الشربيني  مصر 🇪🇬

يحظى الشعر العشقي في الأدب العربي بمكانة مركزية، وقد ارتقى بعض هذا الشعر إلى مصاف التصوف، حيث تحوّل العشق إلى بوح  روحي تتجلى فيه مفاهيم الفناء، والتجلي، والوجد، إذ تتجلى في النص الصور التعبدية وسطوة العشق التي تقرأ الحضور والغياب  شعرُا، مما يتطلب موقفًأ نقديًأ تحليليًا عميقًأ.

ومن هنا، نوثق رؤيتنا، حيث تتكئ القصيدة على لغة رمزية ذات حمولة دينية وروحية:

يقول الشاعر:

"نسجت في محراب حبك أضلعي"

مما يوحي بتجسد العشق في الجسد، فتحول اللغة إلى محراب تعبد.

ويقول:

"سجدت روحي" و"رحابك خاشعًا"

 وهذا يشير إلى حالة من التوحد مع الحبيب في براح من الفناء الصوفي، كما عكست الصور البلاغية في الدلالات الصوفية في كلمات بعينها، مثل السيف القبلة، العرش، مما يعكس رغبة في تحقيق الذات عبر الحب، وقد انبنت القصيدة على بحر الكامل، وهو بحر يُناسب السياقات الخطابية والوجدانية، وجاءت الموسيقى الداخلية لتعكس جوًأ من الرغبة على خلفية المشهد 

يقول الشاعر: 

"وإذا افترقنا مِتُّ من فرط الجوى"

وهنا تجسد اللغة صفحة الغياب في رمزية الموت، ولعب التناص دور البطولة في النص، حيث يتجاور مع نصوص رابعة العدوية وابن الفارض:

"أحبك حبين" (رابعة)

"زدني بفرط الحب فيك تحيرا" (ابن الفارض)

ويبرز التناص الديني والقرآني عند استخدام ألفاظ مثل: محراب، قبلة، سجد، خشوع، فؤادي، قدري، دون اقتباس مباشر، مما يفتح باب التأويل الديني الرمزي، كما يظهر التناص العذري  في النص، ويتجلى حضور قيس بن الملوح وظاهرة الحب غير المشروط، حيث يقول الشاعر:

"قدري بأن أهوى وجودك ماثلاً"

كان لـ نظرية التلقي (Reception Theory)، حظا وافرا في النص، إذ اعتمد على إعادة تفعيل الرموز الدينية والعشقية لإحداث الاستجابة الجمالية المرجوة، كما اعتمد نظرية المحاكاة الصوفية، إذ برز جليا النموذج الصوفي الكلاسيكي في أسلوب العشق والذوبان.

وفي المجمل، تمثل قصيدة جوهر الشوق الوصال نصًا صوفيًا وجدانيًا يجمع بين التكثيف والتأمل، متفاعلًا مع الموروث دون فقدان فرادته. يعيد الشاعر إنتاج رموز العشق بروح جمالية معاصرة، مما يمنح النص عمقًا روحانيًا ويسمح بتعدد القراءات.

تلك قراءتي، وبعضًا مما تيسر لي من تأويل، ولربما وجد باحثون آخرين لأنفسهم مداخلَ للقصيدة أخرى.

---

المراجع:

الجابري، محمد عابد. (1991). التراث والحداثة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.

أبو العلا، عبد الرحمن. (2006). الاتجاه الصوفي في الشعر العربي. القاهرة: دار الفكر العربي.

Abrams, M. H. (1999). A Glossary of Literary Terms (7th ed.). Boston: Heinle & Heinle.

Fish, S. (1980). Is There a Text in This Class? The Authority of Interpretive Communities. Cambridge: Harvard University Press.

...

هذه دعوة للجميع لقراءة القصيدة كاملة

جوهر الشوق الوصال

شعر: د. أحمد أمين عثمان

نسجت في محراب حبك أضلعي

 ووهبت وجدي للهيام بأدمعي

سجدت روحي في رحابك خاشعا

 وتركت قلبيَ في هواك ليخشعِ

يا قبلة الشوق التي لم تنطفئ

 ما زلت أرتل ذكرك المتلوعِ

خذيني إليك وفي فؤادي حرقةٌ

 تجتاحني كالسيف دون أن تردعِ

قدري بأن أهوى وجودك ماثلًا

 في كل نبض وفي الدجى أو المطلعِ

فإذا التقينا كان عرشي راحتي

 وإذا افترقنا مِتُّ من فرط الجوى

قلم الأديب د أحمد أمين عثمان

ارتجال للتو واللحظة الساعة الواحدة ظهرا ٢٠٢٥/٤/٣...